عندما أغارت قبائل الفايكينغ على شمال المغرب

عندما أغارت قبائل الفايكينغ على شمال المغرب

من هم الفايكينغ؟

قبائل الفايكينغ هي قبائل اسكندنافية تعود أصولها إلى دول الدنمارك والسويد والنرويج، عرفوا بكونهم وثنيين وبعيدين عن التحضر، كما عرفوا ببأسهم الشديد في الحروب وإبحارهم في كل الاتجاهات، حتى تمكنوا من استيطان معظم أنحاء بريطانيا والقارة الأوروبية، وكذلك أجزاء من روسيا الحديثة وأيسلندا وغرينلاند ونيوفاوندلاند.

قادتهم رغبتهم في الحصول على الثروات إلى الخروج من ديارهم والبحث عن أراض جديدة في الغرب والشرق والجنوب، حتى وصلوا إلى الأندلس وعاثوا فيها تدميرا وقتلا وتذبيحا، وتسجل المراجع التاريخية وصولهم إلى السواحل الشمالية للمغرب ومكوثهم هناك لمدة وجيزة.

نبذة عن غاراتهم على الأندلس:

بدأت الأحداث بهجوم قبائل الفايكينغ النورمان مدججين بفؤوسهم المعتادة على متن قواربهم الأربعة وخمسين على مدينة إشبيلية الأندلسية سنة 844م، حيث تمكنوا من اقتحامها وإلحاق ضرر كبير بمبانيها وبسكانها، وذلك في عهد عبد الرحمان الأوسط، الذي وفور علمه بالأمر أعد جيشا وخاض معارك ضارية معهم، بدعم من أرقى سلاح الفرسان الأموي، وتسبب المسلمون في خسائر فادحة للفايكنج، حيث تم إعدام العديد منهم على مرأى من مواطنيهم المنسحبين.

استغرق الأمر أربعة عشر عامًا قبل أن يحاول الفايكنج العودة إلى الأندلس. هذه المرة، كان المسلمون جاهزين. في عام 858م، اعترضت البحرية المشكلة حديثًا قوارب الفايكنج الطويلة قبالة ساحل لشبونة بالبرتغال، مما أجبر الفايكنج على التخلي عن خططهم لمداهمة الوادي حول إشبيلية. ومع ذلك، لم ينسحب الفايكنج وسرعان ما غيروا خطتهم، واستمروا على طول الساحل الجنوبي لإسبانيا. لقد نهبوا مدينة الجزيرة الخضراء، وأحرقوا مسجدها واستولوا على كميات كبيرة من الكنوز. بعد أن طاردتهم البحرية، شقوا طريقهم حول الساحل الإسباني وأقاموا قاعدة لفصل الشتاء في جنوب فرنسا، في دلتا كامارغ.

في ربيع عام 859م، أبحر الفايكنج مرة أخرى باتجاه الأندلس، وقاموا بمداهمة مايوركا في طريق عودتهم إلى المحيط الأطلسي ورحلة العودة إلى الدول الاسكندنافية. ومع ذلك، كان الأمير الجديد - محمد الأول - قد توقع هذه الخطوة ولحق بأسطول الفايكنج بعد وقت قصير من مغادرتهم مايوركا. كان الفايكنج في وضع محفوف بالمخاطر، حيث كانت قواربهم الطويلة لا تتناسب مع السفن الوعرة التي بنيت لهذا الغرض من سلاح البحرية الأندلس.

غارتهم على إمارة النكور شمال المغرب:

قاد بيورن أيرونسايد وهاستين - أبناء القائد الأسطوري راجنار لودبروك - مغامرة "المجوس" الأردمانيين (كما سماهم المؤرخون العرب) عبر مضيق جبل طارق نحو المغرب بعد تدميرهم لعدة مدن إسبانية وبرتغالية في طريقهم، وأغاروا على مدينة النكور (عاصمة إمارة النكور) على بعد 80كم من منطقة تسمى رأس الشوكات الثلاث، فدمروا كل ما كان في طريقهم، واختاروا من سكان المنطقة داكني البشرة والسود ليأخذونهم كعبيد إلى أيرلندا حيث عاشوا لفترة طويلة.

وردت أنباء الغزوة في كتب عدد من المؤرخين المسلمين كابن القوطية من قرطبة وابن عذارى النويري، حيث ذكر ابن القوطية أن "المجوس" أسروا جد ابن صالح، لكن الأمير عبد الحمان بن الحكم فداه وامتنانا لهذا الفعل ظل بنو صالح (سلالة عربية حميرية كانت تحكم إمارة النكور في منطقة الريف شمال المغرب) ظلوا أصدقاء دائمين لبني أمية. وينقل لنا البكري ما حدث قائلا: [وغزا المجوس لعنهم الله مدينة نكور سنة أربع وأربعين ومائتين، فتغلّبوا عليها وانتهبوها وسبوا من فيها إلّا من خلصه الله بالفرار، وكان فيمن سبوا أمة الرحمن وخنعولة ابنتا واقف بن المعتصم، ففداهما الإمام محمّد بن عبد الرحمن. وأقامت المجوس بمدينة نكور ثمانية أيّام][البكري، المسالك والممالك 2/766]

يتضح من خلال شهادات كل من ابن القوطية والبكري مدى التقارب والتآخي الذي ساد العلاقة بين الأمويين وبني صالح، ويبدو أن العلاقات الحسنة تعود لمرحلة تأسيس الإمارة الاموية في الاندلس إذ كما يذكر اليعقوبي قد مر مؤسسها صقر قريش عبد الرحمن الداخل على نكور قبل جوازه إلى الأندلس وتملكها [ومن هذه المدينة جاز رجل من ولد هشام بن عبد الملك بن مروان ومن معه من آل مروان إلى جزيرة الأندلس لما هربوا من بني العباس ومملكة صالح بن سعيد الحميري مسيرة عشرة أيام...][اليعقوبي، البلدان 196] والظاهر أن الأمويين حفظوا للصالحيين معروفهم السابق في جدهم وردوه لهم في بناتهم.

المرء يُعرف فِي الأَنَامِ بِفِعْلِهِ وَخَصَائِل المَرْءِ الكَرِيم كَأَصْلِه
فِي الجَوِّ مَكْتُوْبٌ عَلَى صُحُفِ الهَوَى مَنْ يَعْمَلِ المَعْرُوْفَ يُجْزَ بِمِثْلِهِ

الباحث: الطيب عيساوي

المصادر:

https://www.history.com/topics/exploration/vikings-history

https://www.lifeinnorway.net/history-of-the-vikings/

https://revistas.ucm.es/index.php/MILT/article/view/MILT9696110067A/3416

https://wadisahar.blogspot.com/2020/02/banusalih.html

https://cutt.ly/IIqalwl

https://cutt.ly/uU8AKA7

https://cutt.ly/LIqtGrr