حرم القرويين: سبع لويات، درب بن حيون، زنقة الحجامة وغيرها

حرم القرويين: سبع لويات، درب بن حيون، زنقة الحجامة وغيرها

عبارة "ياك ما ساكن فسبع لويات ولا درب بن حيون أو تعايلي ولد زنقة الحجامة" من الأمثال الفاسية العريقة التي كانت تستعمل عند استعلاء شخص ما على الآخرين بينما هو من مستواهم أو ربما أقل من ذلك، إلا أنه يتعامل كشخص من سادة القوم الذين لم يكونوا ممن عرفوا بالغرور. الأزقة السالفة الذكر بالمثل الشعبي هي من الدروب التي تحيط بالقرويين شماليها وشرقيها مشكلة حرما للجامع، اعتبر أهل فاس السكن فيه من الميزات الخاصة بالأسياد الذين لهم علاقة بالقرويين، كالعدول والموثقين والوراقين والكتبيين والمجلدين، إضافة إلى دور القضاة والأئمة مع المؤقتين والمؤذنين، مع قلة قليلة من رؤساء الصناعات الذين يشتغلون بدكاكين الحرم.                                                                                                                

يقع سماط العدول غرب القرويين، ويضم دكاكينا للموثقين، حيث تم بناء "محكمة القاضي" محل بعض الدكاكين الممتدة على طول السماط إلى باب الشماعين. قبالة باب الكتبيين حيث الدار التي سكنها الشيخ المنجور، تتواجد بجانبها مصرية كانت تسمى "مصرية الحاجة" حيث توضع اللقيطة قبل الإعلان عنها يوم الجمعة بباب الصالحين، ثم هناك مكتب قبالة باب الأولياء حيث يوجد سكن الأعيان من الطلبة.                                                                                                    

أما بباب الصفر الأعلى انتصبت سبعة دكاكين كانت في الأصل جميعها تقريبا وقفا على الجامع من محتاجين وبعض المؤذنين، إلا أن أكثرها مملوك اليوم ومنها محل وقف على مولاي إدريس. على يسار باب الخارج من باب الخفاء ستة دكاكين أخرى يأتي بعدها باب مصلى الجنائز، وعلى يساره حانوتان كانا أروى خاصة بالذميين لشراء الجلد. على أثر هذا توجد مصريات واحدة منها متصلة بدار اللايريني، وقربهم باب قديم كان يفضي إلى رائقة ابن الغرديس. وبجانب الباب القديم بني واحد جديد يؤدي إلى ساحة الخزانة الكبرى، ثم تقع المصرية التي تتصل مباشرة بالجامع على مقربة من باب الخوخة الذي تم الاستغناء عنه.                                                                     

وقد أصبحت رائقة ابن غرديس سوقا للأحذية كما ذكر "ابن الوزان الفاسي" وبعض الأسواق كان وقفا على المحتاجين وبعضهم موقوف على أبناء الغرديس، وقد ورد أن هاته الجهة تعرضت لتغيرات عديدة.                                                                       

على يسار الخارج من باب صغير مدرج ذو مصراعين يسمى باب المجلس العلمي تقع سقاية الصفارين الحالية، يليها مخزن صغير ثم دار الحاج أحمد الجرندي التي تفضي إلى سبع لويات المشهورة، وهي مسكن لعدد من الأعيان الفاسيين من علماء وأطباء. وعلى ركن السبع لويات يقع أقدم فرن بفاس حتى قيل أنه أقدم من القرويين. فوقه هناك أروى كانت في الأصل دارا والأروى حاليا أصبحت دكانين  تقابلهما زنقة الطرون حيث دار العروس التي يطلق عليها دار العافية، وهي دار مجهزة بفراشها وأثاثها من وقف الشيخ ابن مروان عبد الملك بن حيون.

قبالة باب القرويين تقع دار الخصة التابعة لوقف الجامع، وبعد المكتب المحمل على الساباط الذي كان في وقت ما كتابا على يمينه فندق الرضاع الذي كانت به المرضعات، وورد أنه كان يسكنه سيدي عبد المجيد. يأتي بعده درب بن حيون الذي كان يسمى بدرب الغماري وكان به حمام أصبح أروى، الدرب كله كان وقفا من الشيخ عبد الملك بن حيون، وقربه فندق التطاونيين الذي كان يسمى فندق بن حيون.                                                                                                       

تستمر جولتنا إلى عند منعطف بيت النساء الذي يتوضأن فيه ويسمى دار الصهريج لأنها تضم صهريجا، والدار متصلة بزنقة الحجامة  وقريبة من درب بن حيون ودرب السبع لويات الذي ينفذ إلى حومة البليدة، لذلك يعتبر أنسب مكان لعابدات هاته الناحية يؤدين به شعائرهن على النحو الذي يجب.                                                                              

خصص سلاطين العهد الموحدي والمرابطي  بيتا خاصا بالأئمة بجوار دار الصهريج على يسار الخارج من المدرسة المصباحية، وقد سكنه سائر المتعاقبين على إمامة الجامع الأعظم. وبيت الأئمة هذا هو الذي عاش فيه الإمام بن الحاج والشيخ ابن عياد وكذلك المقري صاحب النفح، وقد كان بدار الأئمة قوس كالخلوة يعتزل فيها الشيخ ابن عياد للعبادة. قبالة هاته الدار كان هناك باب يفضي إلى رواق النساء وبعد إغلاق الباب أصبح مخزنا لبعض شؤون الجامع.                                                                                                      

بجانب المدرسة المصباحية وميضأتها التي ينفتح عليها باب الخصة بالجامع  توجد مصرية وقف على الشخص الذي يقوم على دار الوضوء الكبرى المحدثة في عهد الموحدين.                                                                                                                  

تشتهر زنقة الطرون بدار العافية، وبدرب بوطويل كان هناك حانوت به عدد من مواعين الفخار وقف على الأطفال والخدم الذين يحدث أن تنكسر لهم الأواني ويخافون من عقاب أوليائهم.                                                                         

بهذا ننهي جولتنا التاريخية بحرم القرويين الذي وإن لم يعد هناك اهتمام بحرمه، فإن مكانته في قلوب أهل فاس مازالت كما كانت عند أجدادهم.

بقلم: إلياس أقراب

المصدر:

الدكتور عبد الهادي التازي: جامع القرويين الجزء الأول، الصفحة 98.