مدرسة الصفارين: أعرق مدرسة بالحاضرة الإدريسية

مدرسة الصفارين: أعرق مدرسة بالحاضرة الإدريسية
مدرسة الصفارين: أعرق مدرسة بالحاضرة الإدريسية

وأنت تتجول بين دروب وأزقة مدينة فاس، ومستمتع بجمالية عمرانها، وبجاذبية أسواقها وساحاتها، لابد أن تأخذك جولتك هذه إلى ساحة الصفارين العريقة، حيث الصناع التقليديون المتخصصون بصناعة الأواني النحاسية يعزفون سمفونيتهم الشهيرة بالطرق على النحاس قصد تعديله وتحويله لأجمل تحفة. في هذه الساحة الشهيرة، بجانب حوانيت الحرفيين وأمام خزانة القرويين، ستجد أمامك مدرسة الصفارين العريقة بصومعتها الجميلة، صامدة بعد قرون من تشييدها.

مدرسة الحلفاويين أو مدرسة الصفارين، نسبة إلى تواجدها بين حوانيت النحاسين أو الصفارين، بناها أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق المريني على مقربة من جامع القرويين، وذلك سنة 675هـ/ 1276_77م، وألحق بها خزانة علمية أوقف عليها العديد من المخطوطات التي تسلمها من الملك القشتالي سانشو، بعد معاهدة الصلح التي انعقدت بينهما سنة 684هـ/ 1285_86م، وهي مخطوطات عربية كانت بيد النصارى واليهود قبل أن تجد طريقها إلى خزانة مدرسة الصفارين.

تعتبر مدرسة الصفارين أول مدرسة في فاس والمغرب ككل، وكانت تسمى "المدرسة" لأنها كانت الوحيدة، ثم سميت مدرسة الحلفاويين تمييزا لها عن باقي المدارس التي شيدت بالعاصمة العلمية لاحقا. وتعكس طريقة بنائها وفنها المعماري ذلك، إذ أنها تختلف عن باقي المدارس المرينية بكونها بسيطة وليست بها الكثير من التفاصيل المبهرة، ولم تنل حظا كبيرا من مهارة وإبداع الصناع التقليديين.

تطل واجهة المدرسة على ساحة الصفارين فيما تطل من الجهة الأخرى على واد فاس أو وادي الجواهر. تحتوي مدرسة الصفارين على قاعة للصلاة وقاعة للوضوء، وصهريج ملبس بقطع الزليج يتوسط فناءها، تنتظم حوله غرف الطلبة، كما توجد غرف أخرى بالطابق العلوي، لها نوافذ مطلة على جانب ساحة الصفارين. ويميزها إلى جانب المدرسة البوعنانية عن باقي المدارس العتيقة بفاس احتواؤها على منارة جميلة بسيطة الزخرفة، ومحراب يتجه نحو القبلة بدقة فائقة.

خضعت مدرسة الصفارين مؤخرا إلى جانب عدة معالم تاريخية أخرى للترميم والتأهيل، وباتت تابعة لجامعة القرويين ومفتوحة لاستقبال طلبة العلم.

الباحث: الطيب عيساوي

المصادر:

محمد المنوني، ورقات عن حضارة المرينيين، ص 239.

مزاحم علاوي الشاهري، الحضارة العربية الإسلامية في المغرب (العصر المريني)، ص 213.

روجي لوتورنو، ترجمة الدكتور نيقولا زيادة، فاس في عصر بني مرين، ص 28 و44.

Pérétié: les medrasas de Fès (d'après les notes de G. Salmon chef de mission scientifique ) Archives Marocaines tome 18 1912 p: 262-263