دار الحاج مكوار: شاهدة على توقيع وثيقة المطالبة بالاستقلال

دار الحاج مكوار: شاهدة على توقيع وثيقة المطالبة بالاستقلال
دار الحاج مكوار: شاهدة على توقيع وثيقة المطالبة بالاستقلال

يعرف جميع المغاربة تاريخ 11 يناير 1944 الذي وقعت فيه وثيقة المطالبة بالاستقلال، والتي صارت ذكراها تخلد كل يوم 11 يناير من كل سنة، وذلك ترسيخا لهذه الذكرى التاريخية الوطنية في عقول المغاربة. لكن العديد من المغاربة، بل وحتى الفاسيين، لا يعرفون المكان الذي كتبت فيه هذه الوثيقة، ويمكن أن يمر أمامه بعضكم دون أن يعرف رمزية المكان التاريخية.
دار الحاج مكوار في ساحة البطحاء المعروفة في مدينة فاس كانت شاهدة على لقاءات واجتماعات سرية عديدة للعديد من رواد الحركة الوطنية، وهي التي اجتمع فيها في يوم 11 يناير من سنة 1944 زعماء وقادة حزب الاستقلال من أجل صياغة وثيقة تاريخية لمطالبة السلطات الاستعمارية بمنح المغرب استقلاله.
في هذا المنزل الذي تروي جدرانه ملاحم المقاومين المغاربة، وتحدثنا غرفه وممراته عن زيارات لقادة وشخصيات عالية المقام حلت بهذه الدار من المغرب وخارجه. وبه أيضا كتب جزء من تاريخ المغاربة، وتاريخ حركة التحرر في المغرب.

منزل المقاوم المغربي الحاج أحمد مكوار، أحد مؤسسي الحركة الوطنية، وواحد من أبرز قادة حزب الاستقلال على مر التاريخ، كان محط الأنظار في يوم من الأيام. جاء ذلك بعد أن استشاط تجار مدينة فاس غضبا عقب الحريق الانتقامي الذي أتى على متاجرهم في قيسارية الكفاح، وأدى إلى قطع رزقهم وتشرد عائلاتهم. لذلك اجتمع ساسة وتجار المدينة في منزل الحاج مكوار، وعبروا عن رفضهم لممارسات سلطات الحماية تجاههم وتجاه بني جلدتهم، ووقعوا الوثيقة الشهيرة ردا على الممارسات المتعجرفة للسلطات الاستعمارية الفرنسية آنذاك.

ظل منزل الحاج مكوار يحظى برمزية وطنية وتاريخية لدى عموم المغاربة، وتعزز ذلك بتدشين نصب تذكاري قبالة هذا المنزل من قبل الملك محمد السادس حين كان وليا للعهد في 11 يناير 1994، حين زاره تخليدا للذكرى 62 لتقديم الوثيقة المذكورة. وقد نقشت في هذا النصب التذكاري الذي يتواجد في ساحة الاستقلال حسب التسمية الحالية، والذي شيد على شكل وثيقة عملاقة شبيهة بوثيقة المطالبة بالاستقلال، نقشت نفس العبارات التي كتبت  في الوثيقة الأصلية وبتوقيعات المناضلين، في دلالة إلى رمزية المكان وأهميته في حقبة مهمة من تاريخ المغرب.

تقدم المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير في 8 يناير 2007 بطلب لتقييد المنزل ضمن الآثار، ما استجيب إليه ونشر بالجريدة الرسمية. وبذلك لا يمكن هدم أو إحداث أي تغيير في الشكل العام للمنزل كيفما كانت طبيعته إلا بترخيص من وزارة الثقافة 6 أشهر قبل انطلاق الأشغالواعتبارا للدور الذي لعبه صاحب هذا البيت في إخراج الوثيقة إلى حيز الوجود، برزت في عدة مناسبات دعوات لتحويل هذا المنزل الذي يرمز لمرحلة الكفاح الوطني إلى متحف للمقاومة، بحيث ينفض عنه غبار الإهمال والتهميش الذي طاله لسنوات، ويأخذ مكانته ورمزيته الحقيقية كمتحف يجمع أرشيف وصور وتاريخ المقاومة والمقاومين المغاربة. لكن الفكرة واجهت عدة مثبطات وعراقيل آلت دون تحققها لحد الساعة.

نص وثيقة الاستقلال

(11 يناير 1944)

وثيقة الاستقلال المغربية الحمد لله إن حزب الاستقلال الذي يضم أعضاء الحزب الوطني السابق وشخصيات حرة: حيث إن الدولة المغربية تمتعت دائما بحريتها وسيادتها الوطنية وحافظت على استقلالها طيلة ثلاثة عشر قرنا إلى أن فرض عليها نظام الحماية في ظروف خاصة وحيث أن الغاية من هذا النظام والمبرر لوجوده هما إدخال الإصلاحات التي يحتاج إليها المغرب في ميادين الإدارة والعدلية والثقافة والاقتصاد والمالية والعسكرية دون أن يمس ذلك بسيادة الشعب المغربي التاريخية ونفوذ جلالة الملك وحيث أن سلطات الحماية بدلت هذا النظام بنظام مبني على الحكم المباشر والاستبداد لفائدة الجالية الفرنسية ومنها جيش من الموظفين لا يتوقف المغرب إلا على جزء يسير منه وأنها لم تحاول التوفيق بين مصالح مختلف العناصر في البلاد وحيث أن الجالية الفرنسية توصلت بهذا النظام إلى الاستحواذ على مقاليد الحكم واحتكرت خيرات البلاد دون أصحابها وحيث أن هذا النظام حاول بشتى الوسائل تحطيم الوحدة المغربية ومنع المغاربة من المشاركة الفعلية في تسيير شؤون بلادهم ومنعهم من كل حرية خاصة أو عامة وحيث أن الظروف التي يجتازها العالم اليوم هي غير الظروف التي أسست فيها الحماية وحيث أن المغرب شارك مشاركة فعالة في الحروب العالمية بجانب الحلفاء وقام رجاله أخيرا بأعمال أثارت إعجاب الجميع في فرنسا وتونس وصقلية وكرسيكا وإيطاليا، وينتظر منهم مشاركة أوسع في ميادين أخرى وبالأخص لمساعدة فرنسا على تحريرها وحيث أن الحلفاء الذين يريقون دماءهم في سبيل الحرية اعترفوا في وثيقة الأطلنتي بحق الشعوب في حكم نفسها بنفسها، وأعلنوا أخيرا في مؤتمر طهران سخطهم على المذهب الذي بمقتضاه يزعم القوي حق الاستيلاء على الضعيف وحيث أن الحلفاء أظهروا في شتى المناسبات عطفهم على الشعوب الإسلامية ومنحوا الاستقلال لشعوب منها من هو دون شعبنا في ماضيه وحاضره وحيث أن الأمة المغربية التي تكون وحدة متناسقة الأجزاء تشعر بما لها من الحقوق وما عليها من واجبات داخل البلاد وخارجها تحت رعاية ملكها المحبوب وتقدر حق قدرها الحريات الديمقراطية التي يوافق جوهرها مبادئ ديننا الحنيف والتي كانت الأساس في وضع نظام الحكم بالبلاد الإسلامية الشقيقة.
يقرر ما يأتي:
أولاً: أن يطالب باستقلال المغرب ووحدة ترابه تحت ظل صاحب الجلالة ملك البلاد المفدى سيدنا محمد بن يوسف نصره الله وأيده.
ثانياً: أن يلتمس من جلالته السعي لدى الدول التي يهمها الأمر الاعتراف بهذا الاستقلال وضمانه، ولوضع اتفاقيات تحدد ضمن السيادة المغربية ما للأجانب من مصالح مشروعة.
ثالثاً: أن يطلب نظام المغرب للدول الموافقة على وثيقة الأطلنتي والمشاركة في مؤتمر الصلح.
رابعاً: أن يلتمس من جلالته أن يشمل برعايته حركة الإصلاح الذي يتوقف عليه المغرب في داخله، ويكل لنظره السديد إحداث نظام سياسي شوري شبيه بنظام الحكم في البلاد العربية الإسلامية في الشرق تحفظ فيه حقوق سائر عناصر الشعب المغربي وسائر طبقاته وتحدد فيه واجبات الجميع، والسلام.

الموقعون على الوثيقة:

أحمد بن الطاهر مكوار
محمد بن العربي العلمي
الحسن بن جلون
محمد بن عبد الرحمان السعداني
عبد السلام المستاري
محمد البوعمراني
مليكة الفاسي
الطاهر زنيبر
الحاج أحمد الشرقاوي
أحمد المنجرة
الجيلالي بناني
الحسن بوعياد
أحمد الحمياني ختات
محمد غازي
محمد بن الجيلاني بناني
عبد الله إبراهيم
قاسم بن عبد الجليل
أحمد اليزيدي
عبد الكريم بن جلون التويمي
الصديق بن العربي
محمد الرفاعي
الحفيان الشرقاوي
الهاشمي الفيلالي
محمد السودي
عبد الكبير بن عبد الحفيظ الفهري الفاسي
عبد الهادي الصقلي
محمد بن الخضير
إدريس المحمدي
عمر بن عبد الجليل
عبد الجليل القباج
قاسم الزهيري
عبد الله بن عمر الرحماني
عبد القادر حسن
محمد الزغاري
أحمد بن عثمان بن دلة الإدريسي
محمد العيساوي المسطاسي
أحمد بحنيني
محمد الغزاوي
السيد عمر بن شمسي
مسعود الشيكر
عبد الوهاب الفاسي الفهري
محمد البقالي
محمد الفاطمي الفاسي
الحسين بن عبد الله الورزازي
عبد الحميد بن مولاي أحمد الزموري الإدريسي
أحمد بن إدريس بن بوشتى
أحمد بنشقرون
ناصر بن الحاج العربي الحسيني
محمد اليزيدي
محمد بن الحاج أحمد الديوري
عبد الله الرجراجي
بوبكر الصبيحي
محمد الجزولي
عمرو بناصر
محمد بن عزو
أحمد بلافريج
عبد العزيز بن ادريس العمراوي
بوشتى الجامعي
محمد الحمداوي
عثمان جوريو
أبو بكر القادري
عبد الرحيم بوعبيد
المهدي بن بركة
عبد الكبير الفهري الفاسي
مبارك الغراس
محمد الفاسي

   
وثيقة الاستقلال المغربية

المصادر: هنا    هنا   وهنا