مدرسة الشراطين بفاس

مدرسة الشراطين بفاس

مدرسة الشراطين بفاس، تعد من أجل ما تركه السلطان العلوي مولاي الرشيد في الميدان الفكري. هي مدرسة لطلب العلم وسكنى الطلبة، شيَّدها المولى الرشيد في أوائل شعبان عام 1081ﻫ/1671م، و«بالغ في إتقانها صنعاً، وبذل المجهود في إحسانها وضعاً». لكن أخاه السلطان مولاي إسماعيل هو الذي أكملها في عام 1089ﻫ/1678م، وجعل عليها أوقافاً عديدة تعرضت لذكرها الحوالات الحُبُسِية الفاسية والإسماعيلية والسليمانية.

تسمى مدرسة الشراطين أو المدرسة الرشيدية، وهي مدرسة كبرى مكونة من ثلاث طبقات، تشتمل على مائتين واثنين وثلاثين بيتاً، وقبة للصلاة. وكانت تستقبل طلبة تافيلالت وشرقاوة (القادمين من شرق الجزائر)، وطلبة تازة ووجدة والريف وبني يزناسن، ولم تكن تستقبل سوى بضع طلبة جبالة ومن الغرب وحوز مراكش. وللمدرسة قدرة استيعابية بإمكانها إيواء 120 إلى 150 طالب. كما كانت تستقبل المصلين من سكان فاس في أوقات الصلاة.

زخرفة المدرسة شبيهة بزخرفة مدارس العهد المريني، لكنها أبسط من تلك المدارس من حيث التفاصيل الزخرفية. تتوفر المدرسة على فناء تتوسطه نافورة بسيطة، وبابين متقابلين، أحدهما من الجهة الجنوبية والآخر من الشمالية. وبكل زاوية من زواياها الثلاث دويرة وبالرابعة الميضأة. وقد قال عنها أبو زيد عبد الرحمان بن عبد القادر بن علي الفاسي (المتوفى عام 1096):

انظر لبهجة بيت الله يا رائي --- وسرح الجفن فيها بين أرجائي

تخالها جنة تزهى مزخرفة --- بطيب الزهر من أنفاس قراء

تهدى حلى قارئيها من شمائلها --- فتحسب الزهر ناجت ذات أنداء

بيت الصلاة وإيواء الطلاب وما --- يغشى من البر أو يرى من إهداء

وقد تأنق وشيها وطرزها --- حسن الزرابي في تحبير وشّاء

ونمقت بردها بسطٌ مدبجة --- مثل العرائس في حلي وإحلاء

كأنما احتفلت للوفد زاهية --- كالروض في أرج يذكو وإزهاء

توريقها كالعذاري ضفرها (1) نشرت --- على شقائق وجنات كأدماء

أنوارها (تخطف 1089) الأبصار مشرقة --- من أجل ذا (خطفت 1089) تاريخ إنشاء

وكانت مدرسة الشراطين مجالا حفيلا.حيث درس بسطحها سيدي أحمد بن علي الوجاري (- 1141 ه) العربية قبل انتقاله إلى جامع الأندلس. وقرأ بقبتها سيدي عبد الرحمن بن إدريس المنجرة (- 1179 ه) مع بعض الأكابر كتب التجويد. وفي بيت بها آوى سيدي السهلي بن الحاج العروسي ابن عبد الصادق السجلماسي المتوفى عام 1198 هـ. وبها قطن سيدي حدو بن عمر الصديقي الهنتيفي (- 1285 ه) قبل انتقاله إلى مدرسة الصفارين. 

الباحث: الطيب عيساوي

المصادر:

عبد الرحمان بن زيدان، الدرر الفاخرة بمآثر الملوك العلويين بفاس الزاهرة، المطبعة الاقتصادية بالرباط، 1937، ص 12.

سلوة الأنفاس، ج1، ص137. وج2، ص165، وص306، وص319. وج3، ص99، وص102.

Pérétié: les medrasas de Fès (d'après les notes de G. Salmon chef de mission scientifique ) Archives Marocaines tome 18 1912 p: 270-271-272

هنا وهنا